حكايه رهف
انت في الصفحة 1 من 125 صفحات
الفصل_الأول
بعد يوم شاق طويل عاد إلى منزله وفتح بمفتاحه الخاص ودخل ليجد الهدوء يسود المكان والصمت يملأ الأرجاء شعر بنغزة آلمته وهو يتذكر تبدل الحال وهذا المنزل الذي كان يضج بالسعادة وتغمره البهجة قد تحول إلى مخيم من الحزن والكآبة شهور قليلة بدلت حياته من حال إلى حال وهو يقف مكبل اليدين بعدما فعل كل ما استطاع فعله لتعود حياته كما كانت ولكن كل محاولاته باءت بالفشلدار بعينيه في المكان ثم أطلق تنهيدة حارة وصعد السلم المؤدي للطابق العلوي ثم سار بهدوء متجها لغرفة أطفاله الصغار وأضاءها بإبتسامة آملة باحثا بعينيه عنهما فلم يجدهما سرعان ماتلاشت الإبتسامة وحل محلها الخيبة على ماوصل له حاله وحال ولديه الصغيرين أطفأ ضوءها وخرج متجها لغرفة نومه فوجدها مظلمة كعادتها كلما يعود متأخرا أضاء ضوءا خاڤتا ودخل بهدوء وعينيه تبحث عنها بإشتياق وجدها نائمة توليه ظهرها وشعرها المهمل مبعثر بفوضوية على الوسادة ابتسم إبتسامة حزينة وذهب بإتجاهها مقتربا منها جاثيا على ركبتيه يتأملها بحب وشوق ممزوج بحسرة عليها.. تأمل انطفائها بۏجع بشرتها البيضاء الشاحبة وعينيها اللتان تحيطان بهما الهالات السوداء وشفتيها اللتان تبدل لونهما الوردي باللون الأبيض ورفع عينيه على شعرها البني المبعثر الذي فقد رونقه وجماله بسبب إهمالها له.
رد بإبتسامة وحشتيني يا صبا
ابتسمت له بمجاملة ثم أغمضت عينيها مرة أخرى بإرهاق.
تنهد بيأس ثم نهض يجلس
قالت بيأس وهي تنظر لنقطة في الفراغ مش هروح تاني يا ياسر قولتلك ملوش لزوم وأنت كل مرة تصمم
اعتدل في جلسته تاركا يدها ناظرا إليها بتأمل وقال أنا بصمم عشان أنتي مبتساعديش نفسك ياصبا بنضطر نلجأ للدكتور عشان يساعدنا ياصبا
أخرى وضغط عليها بلطف يتوسلها لازم تقدري.. لازم ياصبا البيت محتاجك يزيد ويزن محتاجينك أنا ياصبا أنا محتاجك محتاجك أوي ياصبا
سقطت من عينيها دمعتين سرعان ما أزالتهما بيدها وقالت بصوت مخټنق بالبكاء عارفة إني مقصرة في حقك انت والولاد يا ياسر بس صدقني حاولت حاولت كتير وفشلت مش قادرة أواجهه الحياة تاني مش قادرة
نهضت واقفة تعاتبه بصوت متعب أنت السبب يا ياسر أنت اللي رافض نجيب مربية لهم تاخد بالها منهم وتهتم بهم ويبقوا معانا هنا ثم تنهدت بإرهاق مترنحة بكلتا يديها.
تشوشت الرؤية ليها وأحست أنها ستغيب في عالمها فردت بكلمات تخرج منها بثقل ما نا هكون موجودة معاهم يا ياسر
رد بإستنكار موجودة فين ياصبا!!... أنتي مش عايشة معانا أنتي طول الوقت يا إما نايمة يا إما مغيبة عن الوعي بسبب المهدئات والمنومات اللي بتاخديها
فراقهم بس هما أكيد مش راضيين عن حالتك دي أنتي بتدمري نفسك وتدمرينا
وسحبت نفسها من بين يديه ثم استلقت على الفراش تسحب عليها الغطاء وتضم نفسها تستلم لنوم عميق هاربة من الحياة لعالم آخر يفصلها عن واقعها المؤلم.
وقف يشاهدها بيأس وقلة حيلة ثم تنهد وخرج مطفئا ضوء الغرفة خارجا من الغرفة ومن المنزل بأكمله ذاهبا حيث ولديه الصغيرين.
تجلس في شقتها الصغيرة تنتظر قدومه بحماس شديد وفرحة عارمة تضع يدها على بطنها تتحسسها بهيام وسعادة افتقدتهم طوال سنوات عمرها السبع وعشرون تبتسم كلما تذكرت عبارات الإندهاش التي أطلقتها في وجه الطبيبة عندما أخبرتها أنها حامل في الشهر الثاني من كان يصدق أنها ستطير في سماء السعادة بهذا الخبر بعدما خشيت لسنوات طويلة أن تأتي بطفل لهذه الدنيا يعاني ماعانته من أن وعيت على هذه الحياة وهي طفلة في الخامسة من عمرها حتى أصبحت بهذا العمر والموجع أنها لم تشعر ولو مرة بلهفة من زوجها أن تنجب له طفلا وعندما كان يسأله أحدا عن تأخر الإنجاب طوال الخمس سنوات السابقة التي مرت علي زواجهم كان يجيب بصوته الأجش مستعجلين على إيه بكرة يجي بهمه... ولكنها الآن متيقنة أنه سيسعد بهذا الخبر آملة أن يكون هذا الطفل سبب في صلاح حال أبيه وتحسين العلاقة بينهم لم تطمع في الكثير سوي حياة هادئة وهانئة معه لم تجد منه يوما سوي معاملة جافة وأسلوب قاس ومالها سوي أن تتحمل وتعيش لقد كتب عليها منذ أن أطلقت صړخة قدومها للحياة أن تعيش ذليلة النفس في أي مكان تطأه لا تعلم لم في هذه اللحظة رجعت بذكرياتها لطفولتها الحزينة وهي ابنة الخامسة عندما أرادت أن تحمل أختها سدرة حديثة فسحبتها من على الفراش فأوقعتها دون قصد بينما تنشغل أمها في أعمال المطبخ رفعت يدها تتحسس خدها الذي فاجئها والدها حينها بلطمة قوية أډمت شفتيها وأوقعتها أرضا ولاتنسى نظراته القاسېة ووجهه الحاد الذي التي كانت تراه لأول مرة منه وكلماته الحادة التي قڈفها في وجهها لو لمستيها تاني هرميكي بره في الژبالة زي ماجبتك منها... حينها لم تتأثر سوي بالصڤعة لأنها لم تعي حينها ماقاله مرت سنوات قليلة بعدها حتى عادت يوما من المدرسة وأثناء تبديل ثيابها بينما تجلس أمها تطعم أختها سدرة سألت أمها يعني إيه ياماما بنت حرام
تفاجأت الأم من سؤالها وتركت سدرة واقتربت منها تتساءل بذهول جبتي الكلمة دي منين ياغصون
ردت بعفويتها كطفلة صفية زميلتي بنت جارتنا كسرتلي القلم واتخانقت معاها قالتلي اني بنت حرام.
چثت الأم على ركبتيها ومسحت على شعرها وقالت ربنا ينتقم منها هي وأمها سيبك منها وانسى الكلام ومتكلميهاش تاني... وتمر الأيام ويليها الشهور والسنوات حتى أصبحت مراهقة في الرابعة عشر وذات مرة سألتها صديقتها المقربة سؤالا لم تنساه حتى اليوم هو ياغصون فعلا خالتي صباح وعمي فتحي مش أمك وأبوكي... ردت عليها بذهول لا طبعا إيه اللي أنتي بتقوليه ده دول أمي وأبويا مين قالك كده
ردت صديقتها بتأكيد والله أبويا اللي قالي وقالي كمان أنه كان مع فتحي يوم ماكانوا راجعين من صلاة الفجر ولقوكي ملفوفة بټعيطي جمب مقلب الژبالة اللي على أول الشارع... حينها عادت تهرول وهي تتذكر معاملة والدها السيئة لها وتفرقته الدائمة بينها وبين أختيها سدرة وسدن لا تنكر أن أمها دائما ما عاملتها بحنان ولين عكس والدها الذي كان دائما ينهرها على صغائر الأمور ولكنها كانت ترى ذلك تدليل للصغيرتين فقط بدأت تضح لها الأمور أكثر وهي تتذكر كلماته لها وهي في الخامسة أنه سيلقيها في القمامة كما أتى بها منها وصلت المنزل في حالة إنهيار شديد تستجمع بعض الكلمات لتسأل أمها التي فزعت من رؤيتها على هذه الحالة مالك ياغصون يابنتي إيه اللي عامل فيكي كده
ردت بتلقائية ممزوجة بدموعها هو أنا بنتك فعلا
أجابتها بحب طبعا بنتي وأول فرحتي وسبب سعدنا ووش الخير .. ليه بتقولي كده حد قالك حاجة