روايه بقلم دعاء عبدالرحمن
ساعتها حسيت بالسجن فعلا كان هو ده سجنى الحقيقى .. أنا مش عارف انا ازاى مخدتش بالى العمر ده كله
فى مساء اليوم التالى دخل فارس مكتب الدكتور حمدى بعد أن هاتفه وطلب منه الحضور على الفور لأن والد هانى الذى قد حكم عليه بالاعډام قد جاء إلى المكتب وينتظره هناك ... طرق فارس باب حجرة مكتب الدكتور حمدى ودلف إليه وهو ينقل بصره بين الدكتور حمدى ووالد هانى الذى كان يقبع أمام حمدى وقد ظهر حول عينيه السواد من شدة الارهاق والأكتئاب الذى يعانيه منذ ان حكم على ولده بالاعډام ..
بمجرد أن رأى فارس هب واقفا وهتف
فيه بحدة
حرام عليك أنت ومراتك تعملوا فى ابنى كده حرام عليك ضيعتوا مستقبله وضيعتونى معاه
نظر فارس للدكتور حمدى الذى وضع يده على كتفه قائلا
يا استاذ عبد القادر هو مش أنا فهمت حضرتك ان فارس مالوش ذنب وأنه كان عنده ظروف منعته من متابعة القضيه
صاح عبد القادر پبكاء
ولما عنده ظروف معتذرش عن القضيه ليه ضحكوا عليا ليه
ثم نظر إلى فارس ورفع يده باتجاه لحيته قائلا بحدة
أنا عارف اللى مربين دقنهم دول كلهم ڼصابين وبيتاجروا بيها
أمسك فارس يده الممتدة إلى لحيته ونظر له بحدة وقال
قعد وأفهم اللى حصل الاول قبل ما تتهمنى بالڼصب
نظر له الدكتور حمدى نظرة ذات معنى وقال
مش وقته يا فارس
هز فارس رأسه نفيا وقال بإصرار
لاء لازم يعرف كل حاجه
جلس عبد القادر يستمع إلى فارس وهو يقص عليه ما حدث معه منذ أن دخل مكتبه اول مرة
وطلب منه الدفاع عن ابنه هانى فى قضية القټل ولقد كان يستمع إليه وهو محدق به تتسع عينيه شيئا فشيئا غير مصدق ما تسمعه أذنه حتى أنتهى فارس قائلا
يعنى مش ابنك لوحده اللى أترمى فى السچن بسبب القضيه دى .. انا كمان اترميت ظلم وده الفرق بينى وبين ابنك
ضاقت عينيى عبد القادر وهو يقول بذهول
يعنى مراتك هى اللى عملت كل ده لوحدها بعد ما رميتك فى السچن هى و وائل
أومأ فارس برأسه وقال بأسى
أيوا مراتى ووائل
وفجأة صاح عبد القادر مرة أخرى
يعنى مراتك تتمتع بالفلوس وأنا ابنى يتعدم وأخسره
رفع فارس رأسه إليه وقال بجدية
ومين قالك أنها هتتمتع بالفلوس .. دى زورت أوراق رسميه يعنى هتتحبس هى واللى ساعدها فكده
ډفن عبد القادر وجهه بين كفيه وهو يبكى هتفا
وابنى يا ناس أبنى هيروح مني ظلم
مال فارس للأمام وقال بهدوء
أهدى يا استاذ عبد القادر .. أولا الحكم ده مش نهائى يعنى أى محامى يقدر يعمل استئناف والحكم يتخفف وينزل للمؤبد
والمحكمة هتراعى إنه اعترف على نفسه وهتراعى سنه الصغير .. والمؤبد احسن من الاعډام
رفع عبد القادر رأسه ونظر إليه وهو يضرب كفيه بحسرة
يعنى كل التعب اللى تعبت فيه ده كله وأنا بربيه وبكبره وبصرف عليه وبعمله اللى هو عايزه وفى الاخر ياخد مؤبد .. ليه كده يا هانى انا قصرت معاك فى ايه يابنى
تبادل فارس مع الدكتور حمدى النظرات المشفقة على الرجل وأنحنى فارس بأتجاهه وربت على كتفه قائلا
التربية يا استاذ عبد القادر مش معناها أنك تديله فلوس وتخليه مش عاوز حاجه .. أنت كنت بتشوفه بيخرج مع بنات وكنت بتشوف بنات فى عربيته وكنت مخصصله شقه بتاعته يروحها وقت ماهو عاوز مع اللى هو عاوزه من غير رقيب ولا حسيب على تصرفاته ..
أنت اديته فى أيده الاداه اللى دمر بيها نفسه وأنت فاكر أنك بتسعده ومش مخليه عايز حاجه
مسح الرجل دموعه وهو يقول بحزن
أنا كنت بقول ده راجل مش بنت علشان أخاف عليه
ربت فارس على كتفه وقال
الحلال والحرام مفيهوش راجل وست .. وأنت لو كنت ربيته على الحلال والحرام كنت كسبت راجل فى ضهرك دلوقتى يقف جنبك ويساندك.. لكنت أنت سبته للبنات والعربيات والخروجات والفسح ونسيت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام
ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع مسئول عن رعيته
أعتدل فارس فى جلستة وقال
يعنى حضرتك أنت وأمه هتتسئلوا عن تربيتكوا ليه وعن الحال اللى وصله علشان معلمتهوش دينه
وأنه حرام اصلا أنه يبص لبنت مش كمان يعمل معاها علاقة وتركب عربيته ويقعدوا يحبوا فى بعض وكل ده حرام فى حرام
نهض الرجل بتثاقل وقد شعر أن جبلا قد وضع على ظهره فلم يعد يحتمله وقال بوهن
متشكر يا دكتور فارس بس أنا فوقت متأخر أوى بعد ما ابنى ضاع مني وماليش حيلة خلاص
ياريت كل اب وأم ينتبهوا على ولادهم وبناتهم قبل ما يضيعوا من أيديهم وساعتها مفيش رجوع
وقبل أن يخرج من حجرة المكتب تبعة الدكتور حمدى مربتا على كتفه مطمئنا له وقال
متقلقش حكم الاعډام هيتخفف ان شاء