روايه بقلم دعاء عبدالرحمن
إليه ثانية وهى تقول باستنكار
أستقالتك !! .. ليه يا عمرو ليه كل ما اقرب منك تبعد عنى
أتجه نحو مكتبها ووضع الأستقالة عليه بهدوء والټفت لها عاقدا ذراعيه أمام صدره قائلا
هكلمك بصراحة .. أنا الأول كنت متردد فعلا ..وكنت بقول مفيهاش حاجة طالما مش بعمل حاجة غلط وبينى وبينك كنت معجب بكلامك ليا
أبتسم ساخرا وهو يقول
راجل بقى وفرحان بشبابى وان فى واحدة بتحبنى وعايزانى وبتعمل المستحيل علشان تقربلى
تجهم وجهه وهو يردف بصوت خرج من بين جدران السجون قائلا
لكن اللى شوفته يخلينى أبيع الدنيا دى كلها.. واعرف ان الدنيا دى متسواش حاجة
ألتفت إلى مكتبها وهو يستند عليه قائلا
فى عز الوقت اللى كنت فرحان بيه بنفسى وبوسامتى شوفت شباب صغير قد اخويا محمود بيتعذب ويتجلد ويتكهرب وفى الآخر ېموت لمجرد أنه بيحافظ على صلاة الفجر.. لمجرد انه قال لظابط أتقى الله .
ألتفت إليها مرة أخرى وهو يقول
كل ده وانا كنت عايش مع نفسى ولا اعرف أى حاجة.. عايش علشان اكل واشرب والبس واشتغل وبس .. معرفش الظلم وصل لحد كده ازاى.. معرفش حاجة عن الناس اللى بټموت كل يوم من غير حس ولا خبر ولا كأنهم حيوانات ..
هتفت الهام مقاطعة
عمرو.. أنت شكلك أعصابك تعبانة.. خد أجازة ارتاح شوية
هز رأسه نفيا وقال بتصميم
آسف يا مدام.. أنا مصمم على الأستقالة
لمعت عينيها بالدموع وهى تحاول الوصول لنقطة اتفاق قائلة
طب اسمع بس يا عمرو .. خاليك فى الشركة وانا اوعدك انى مش هتكلم معاك تانى كلام يضايقك.. أو يحسسك أنك بتعمل حاجة غلط
نظر لها بترقب وهو يقول
مقدرش .. مينفعش أحط نفسى فى الفتنة واقول انا جدع وقدها وقدود
أبتلعت ريقها وقالت بتماسك
طب يا عمرو لو فى شغل بعيد عنى تقبله
قال بشك
شغل ايه
ابتسمت بتوتر وهى تقول
شركتنا داخله شراكة مع شركة سياحة ..هنبنى فندق سياحى فى مكان جديد اسمه وادى الريان.. هنبقى أول فندق فى المكان ده ..المشروع ده ضخم ياعمرو وهيطلعلك منه مكافأة حلوة أوى ..ممكن تبدء بيها حياتك العملية وتفتح شركة هندسة صغيرة كده على قدك ... ها قلت أيه
صمت قليلا يفكر فى الأمر فقالت
متقلقش مش هتبعد عن بيتك كتير.. هتنزل أجازة يومين فى الأسبوع ..تلات شهور والمشروع يخلص مش كتير.. يعنى بالنسبة لطبيعة شغلك
نظر إليها بتسائل وقال
واشمعنى أنا اللى عاوزانى اشتغل المشروع ده .. ليه مدتيهوش لنادر ولا حد تانى غيرى
عقدت ذراعيها وقالت بخفوت
مش هينفع اجاوبك علشان وعدتك انى مش هقولك كلام يحسسك انك بتعمل حاجة غلط ..ها فهمت ولا اقول بصراحة
صمت قليلا يفكر ..وجدها فرصة من الممكن يبدء بها حياته بعيدا عنها وعن فتنتها وستضمن له مستقبل جيد بالحلال وأخيرا خرج عن صمته قائلا
موافق ... بس محتاج شوية وقت علشان عاوز اتابع موضوع صحابى اللى حضرتك مهتمتيش بأمرهم
ابتسمت وقالت بثقة
متقلقش هيخرجوا قريب .. اللى خرجوك هيخرجوهم ..هما بس معرفوش يطلعوهم معاك بسرعة علشان واحد فيهم متوصى عليه جامد والتانى اعتقل قبل كده ..
أستدار عمرو بإنفعال قائلا
معرفتيش مين اللى وصى عليه بالطريقة دى
تناولت خصلة من شعرها تلفها حول أصبعها وقالت متعجبة
الحقيقة عرفت بس مستغربة أوى
قالت كلمتها الاخيرة ثم توجهت لمكتبها وجلست خلفه وهى تنظر إليه بتأمل وهو يقول متلهفا
مين .. مين اللى عمل كده
مطت شفتاها وهى تقول ببطء
مراته
توجه نحوها وأتكأ على المكتب بقبضتيه وهو يقول منفعلا
مرات مين
رفعت حاجبيها وقالت
مرات صاحبك المحامى ده
أتسعت عينيه وهو يردد بذهول
دنيا
رفعت كتفيها بحيرة وهى تقول
مش عارفه ..كل اللى عرفته ان مراته هى اللى بلغت عنه وحطت أساميكم معاه
هتف صائحا پغضب
أنت متأكدة من الكلام ده
مالت للأمام وقالت بثقة
طبعا يا عمرو .. المعلومة دى من فوق أوى
تركها وخرج مهرولا للخارج والڠضب يعتمل فى صدره والغريب أنه لا يدرى لماذا تفعل زوجة بزوجها هذا مهما كانت بينهما خلافات ومشاحنات كيف تستطيع أن تفعل به ذلك ما الداعى إذن.. ما الداعى..!!
هبت أم فارس واقفة وهى تهتف به مستنكرة
بتقول ايه يا عمرو انت اټجننت ولا أيه
وضعت مهرة يدها على فمها فزعا وهى تحدق به وهو يقول
زى ما بقولك كده يا خالتى.. اللى جابلى المعلومة هو اللى خرجنى من هناك قبلهم .. دلوقتى بقى انا عاوز اعرف ..أيه اللى يخلى زوجة تبلغ عن جوزها وعن صحابه كمان
جلست أم فارس هاوية وهى تقول بشرود
والله يابنى ما اعرف ..فارس مكنش بيحكيلى على حاجة خالص تخص حياته معاها
تدخلت عزة وهى تقول بحدة وڠضب
علشان كده مكنش باين عليها الزعل ولا الخضة ..الحقېرة ...
كتمت مهرة بكائها وهى تنظر إليهم غير مصدقة ما تسمع من هذه التى تعاشره وتتعامل معه ثم تسىء عشرتها له بهذا الشكل الفج حتى وإن ضاع الحب أين الأنسانية أين الضمير كيف تجرؤ ...شعرت أنها انفصلت عنهم وجدانيا فى دوامة أخرى لا تسمع ولا ترى سوى انفعالتهم أمامها وكأنهم فى غرفة عازلة للصوت ... ظلت هكذا وأخيرا استطاعت أن تسمع