روايه بقلم دعاء عبدالرحمن
حياته العملية ثانية ولكن هذه المره وهو يجلس خلف مكتب الدكتور حمدى مهران كنائبا عنه ومديرا للمكتب وشريك فيه بمجهوده بنسبة الثلث ...لينفذ فكر استاذه فى قبول القضايا ورفضها حسب ما يترائى له من حلها وحرمتها مهما كانت باهظة الثمن ...وعادت دنيا تقبع خلف مكتبها تقلب أوراقها بملل غير راضية عن وضعها القديم فقد كانت تتصور أن شأنها سيرتفع لمجرد أنها زوجته وأنه سيعطيها مكتب مخصص لها ولكنها تركها كما هى حتى عندما ڠضبت وطلبت منه ذلك رد ببرود
لو هارقى حد هيبقى على حسب كفائته مش على حسب هو يقربلى ايه
وقد كانت الضړبة الموجعة لها والقاسمة لغرورها وكبريائها أنه أعطى نورا صلاحية مدير المكتب وخصص لها مكتبه سابقا بل وخفف عنها عبء عمل النهار وأصبحت تعمل مساءا كمديرة للمكتب فقط مما جعل دنيا تستشيط ڠضبا وحنقا وتستعر الڼار بداخلها ...خرجت من المكتب دون أستئذان وتوجهت لوالدتها لتحكى لها مأساتها معه والظلم الذى تلاقيه فى عملها فاجابتها والدتها بهدوء
فى حاجة مش طبيعية بينك وبينه ومحدش فيكوا عاوز يقول عليها
جلست دنيا تقلم أظافرها وهى ترفع كتفيها وتقول بخبث
بصراحة يا ماما فيه بس يعنى ..ضميرى مش سامحلى انى افضح جوزى
نظرت لها والدتها مستفهمة وقد عقدت حاجبيها قائلة
يعنى أيه يابنتى مش عاوزه تفضحيه هو فى ايه بالظبط
رفعت رأسها إلى والدتها وتصنعت الخجل وهى تقول
أصله بصراحة يعنى مش قد كده معايا ..يمكن بقى علشان كده علطول مضايق وبيعاملنى وحش زى ما اكون أنا المسؤلة عن حالته دي
زاد أنعقاد حاجبى والدتها وهى تنظر إليها قائلة
طب ليه ما يروحش لدكتور بدل ما العلاقة بينكوا متوترة كده
زفرت دنيا متبرمة وهى تقول بملل
يووه حاولت كتير معاه وكل مره بيزعل ويعمل خناقة .. خلاص بقى قسمتى ونصيبى انا راضية
جلست والدتها واستندت إلى ظهر مقعدها وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها وتنظر لابنتها بشك ثم قالت
غريبة أوى الحكاية دى
عادت دنيا لتقليم أظافرها ثانية وهى تقول بأسى
شايفة يا ماما انا مستحملة أيه.. وكمان قاعدة مع امه فى مكان واحد ومعاملتها بقت حاجة صعبة أوى
مالت أمها للأمام بابتسامة متهكمة وقالت
أهى دى بقى لو حلفتيلى عليها عمرك كله مش هصدقك ..ده انا شفت بعينى محدش قالى
نظرت دنيا إليها وقالت بحزن
كده يا ماما بقى انت برضة تخيل عليكى حركات الست دى .. دى بتعمل كده قدامك بس
ضحكت أمها بسخرية وقالت
روحى شوفيلك كدبة تانية بس تكون محبوكة شوية عن دى
هبت دنيا واقفة وهى تقول بانفعال
كده يا ماما ...ماشى ..أنا هدخل انام شوية
أنت مش هتروحى
لاء لازم يعرف انه غلط
دخلت غرفتها وتنفست بقوة وهى تزفر بضيق متسائلة بداخلها.. لماذا دائما يكذبها الجميع حتى والدتها لا تصدقها فى شىء ألهذه الدرجة هى مكروهة منهم ...هوت إلى فراشها بقوة وڠضب وهى تلوم نفسها على سذاجتها التى أودت بها ..تذكرت يوم ۏفاة أبيها واليوم الذى توعدتها أمها أنها ستجعل عمتها تأخذها معها إلى الصعيد لتعيش هناك بقية عمرها وتذكرت يوم أن قررت مصيرها وحددت معاد عقد قرانها على فارس دون الرجوع إليها عادت لتذكر الشعور الذى مر بها والڠضب الذى تملكها حينها وهى ترى حياتها تسير فى الاتجاه الخاطىء وسينتهى بها الأمر فى حارة مع حماتها فى شقة واحدة أستعادت ذاكرتها هذا اليوم المشؤم الذى بحثت فيه عن الدواء المنوم خاصتها ووضعت منه لوالدتها فى مشروبها والذى جعلها تنام نوما عميقا مما أتاح الفرصة لها أن تخرج وأول ماتوجهت كان لمكتب باسم الذى رحب بها وأغلق الباب قائلا
ولا يهمك محدش يقدر يجوزك ڠصب عنك
كل ده بسببك انت ..ماما عملت كده علشان سمعتك وانت بتكلمنى فى التليفون بالليل فى الليلة اللى بابا ماټ فيها ...أسمع بقى انا مش هغرق لوحدى لازم تطلعنى من الحكاية دى فورا
يعنى عاوزانى اعمل ايه
أنت مش قلت هتجوزى وتخلينى شريكتك فى المكتب .. يبقى تيجى بكره وتطلب أيدى رسمى
أيه ده.. يعنى بتفضلينى على حبيب القلب ولا أيه مش فاهم
حبيب قلب أيه دلوقتى ..يعنى أرمى نفسى بأيدى فى الحارة مع أمه علشان بحبه ..لاء طبعا
أومال انت خرجتى ازاى دلوقتى .. مش بتقولى امك حاسباكى
حطيت منوم لماما هينيمها طول الليل وقلت اجيلك وارجع البيت من غير ما تحس انى خرجت .. وطبعا انت هتتقدم بكره رسمى ومش هتسيبنى فى اللى انا فيه ده لوحدى.. مش كده يا باسم.. مش كنت بتقول انك بتحبنى وانك مستعد تعمل أى حاجة علشانى
أغمضت عينيها وهى تتذكر نظرة عينيه فى تلك اللحظة وكيف عادت لبيتها وهى تجر أذيال الخيبة مترنحة لا تصدق ما فعله بها وافتراسه لها بعد أن وثقت به وعاد صوته يتردد داخلها مرة أخرى وهو يقول بمنتهى الوقاحة
أعرف دكتور كويس هيرجعك زى ما كنت وأحسن كمان
شعرت بغصة فى حلقها عندما وصلت لهذه النقطة من ذكرياتها المقززة و أخذت تفكر فى طريقة تعيد بها