الدهاشنه الجزء الثالث والاخير
بلهفة
_طب ارتاحي.
انصاعت ليديه التي تحملها لفراشها فشعرت بأنها ستواجه فقدان وعي سريع لذا أشارت بيدها على الحمام
_هدومي..
وقبل أن تسترسل كلماتها فقدت الوعي ويديه تساندها حتى لا تسقط عن الفراش استغرق الأمر خمسة عشر دقيقة حتى استعادت وعيها فما أن فتحت عينيها حتى شعرت بظلام يحيل بينها وبين الضوء فعادت الصورة لتبدو أكثر وضوحا حينما رأته يجلس جوارها حاولت النهوض عن محلها فعاونها آيان وهو يصيح بها پخوف
أنعش الهواء الذي يتسلل من الشرفة المقابلة لها رئتيها فبدت على ما يرام وقالت بصوت متعب
_لحد أمته هفضل كده أنا مش عارفة مالي بجد مكنتش كده في حملي الأول..
رد عليها بحنان ومازالت يديه تتشبث بها
_فترة مؤقتة وهتعدي المهم انك تريحي نفسك الفترة دي..
استدارت برأسها تجاهه فوزعت نظراتها بين يديه المتشبثة بها وعينيه بابتسامة هادئة تلاشت حينما تفحصت الثياب التي ترتديها فخشى آيان أن تظن السوء به وخاصة بعد أن طلبتها صريحة منه بحاجتها لبعض الوقت لذا قال سريعا
ارتاحت تعابيرتها بشكل ملحوظ له فباتت الامور لها عادية مما جعل السعادة تشرق قلبه النابع بحبها الجياش فانحنى ليضع قبلة رقيقة على يدها وهو يهمس لها
_قولتلك قبل كده عمري ما هكسر ثقتك فيا تاني..
رفعت حدقتيها تجاهه ثم قالت ببسمة مشرقة
ارتباكها وترددها بقول ما تود قوله جعله يدنو منها وهو يحثها على الحديث فاستكملت وهي ټدفن ذاتها بأحضانه
_أنا عايزاك تكون جنبي على طول يا آيان.. متتخلاش عني..
ضمھا اليه بقوة وهو يهمس لها بعشق
_أنا جنبك علشان ماليش مكان غير جنبك وفي حياتك أنا بحتاجك وبحتاج لوجودك لازم تفهمي ده كويس.
_وهستنى الوقت اللي هنقدر نعيش فيه زي أي زوجين.. حتى لو طال أنا عمري ما همل..
وفي تلك اللحظة سمح لذاته بتحطيم حاجزها التي وضعته بينهما وكاد بالتعمق فيما يجمعهما لولا طرقات الباب المزعجة له نهض عنها ثم فتح الباب ليجد آسر من أمامه فمنحه نظرة ساكنة شملته من رأسه حتى اخمص قدميه قبل أن يلقي لمسمعه كلماته الساخرة
وقف آيان مقابله ثم أغلق الباب من الخارج ليرد عليه بضيق
_يا عم أرحمني ده أنا ما صدقت أوصل للي وصلتله أنت أيه حد زقك عليا!
مال بجسده على الحائط ثم وضع يديه بجيب سرواله وهو يجيبه بمكر
مشط بيديه خصلات شعره المبعثرة ثم قال
_لا متقلبهاش اتفضل أنا جاهز..
أشار بعينيه بابتسامة خبيثة
_كده تعجبني.. بينا بقى قبل ما البنك يقفل..
كبت آيان غيظه ولحق به للأسفل بهدوء مصطنع..
بالمشفى..
كبتت صرخاتها بطرف الملاءة البيضاء وهي تحاول الاستكانة حرجا من أبيها وعمها الجالس خارج الغرفة ولكن كان الألم يفوقها فرغما عنها كانت تنفلت منها الصرخات لتغدو أكثر ألما وبعد أن تفحصت الطبيبة حالتها قالت بعملية بحتة
_هيكون من الصعب عليها انها تولد طبيعي عشان كده لازم نلجئ للقيصرية..
قالت ريم پبكاء
_اللي انتي شايفه صح اعمليه يا ضاكتورة.
وانحنت لابنتها تربت على كتفيها بحنان
_ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبتي..
جهزتها الممرضة أولا بحقن وريدها بمحلول يساعدها على التأهل قبل ولوجها لغرفة العمليات ومن ثم أخبرتها بأن تلحق بها لغرفة الملابس التابعة لغرفة العمليات فانقبض قلبها وتشبثت بيد يحيى الذي فهم من عينيها ما توده لذا اسنادها على ذراعيه ولحق بها للداخل ومن ثم عاونها على ارتداء الروب المعقم الخاص بالعمليات وانحنى بقدميه تجاهها ثم رفع عينيه تجاهها قائلا بحزن
_لحد هنا ومش هقدر أكون معاكي أنتي عارفة ان ده صعب عليا..
أمسكت بيديه بقوة تسبق مسكتها الهزيلة ثم قالت بتوسل
_لا متسبنيش يا يحيى ادخل معايا آآ... أنا خاېفة.. متسبنيش..
أطبق بيديه على يدها ثم قال والدمع يتلألأ بعينيه
_مش هقدر بلاش عشان خاطري أنا مش هعرف أقويكي وأنا محتاج لحد استمد منه القوة في الوقت ده..
كادت بالاعتراض على ما قال ولكن قطعتهم الممرضة التي فتحت الباب المتحرك من أمامها ثم قالت
_اتفضلي يا مدام..
انقبض قلبها فذكريات فقدانها لابنها الاول مازالت تلاحقها تخشى أن تفقد الثاني وحينها ستواجه مۏت حتما سيكون الأكثر ألما شعرت برجفة يديه بين يدها فلم ترد أن تزيد امره فهي تعلم جيدا ضعفه وخوفه الشديد عليها فربما لن يحتمل رؤيتها هكذا بالداخل تهربه ذات المرة مختلف عن سابقها فتلك المرة ظل يحارب حتى معركته الاخيرة استكانت ماسة بنومتها بعد ان انغرز المخدر بسلسلة ظهرها أغلقت عينيها بقوة لتحتمل أي ألم قد تتعرض له ولكنها شعرت بقبلة رقيقة تجتاز جبينها المتعرق ففتحت عينيها لتجده يقف جوارها كانت صدمة مختلفة بالنسبة لها فالسعادة سيطرت عليها لمحاربته ما يعتريه حتى يكن لجوارها فلوهلة شعرت بأنه من يتعرض لغرز السکين بأحشائه وليس هي فالألم ينعكس على وجهه هو بالمقارنة لها أمسكت ماسة يديه ثم قالت برأفة به
_أخرج يا يحيى أنا كويسة.
فتح عينيه لها ثم أولى ظهره للستار العازل بينهما وبين الطبيبة فوضع رأسه جوارها على السرير الصغير وهو يردد
_هنخرج مع بعض..حاولت اسيبك بس مقدرتش.
قربت يديه منها لتطبع قبلة رقيقة عليها وهي تخبره پبكاء
_بحبك..
رفع يدها هو الأخر ليقبلها وهو يخبرها بابتسامة هادئة
_مش أكتر مني..
مرت نصف ساعة بالتوتر المتنقل بين وجوههم جميعا وبالأخص عمر وجاسم حتى حان الوقت لمقاطعة تلك الاجواء حينما غرد بكاء الصغير ليطمن قلوبهم فسكنت الفرحة الوجوه ودنى فهد من عمر ليحتضنه قائلا
_مبارك ما جالك يا واد عمي.
ضمھ اليه وهو يردد بفرحة
_الله يبارك فيك يا كبيرنا وعقبال ما نفرح بابن آسر يارب.
أمن على ما قال
_يا رب.
ثم الټفت لجاسم ليشير له على الممرضة
_ حفيدك شرف..
اسرع تجاهها فحمل عنها الصغير والتف من حوله النساء فقالت ريم
_ما شاء الله كيف البدر.
ضمته نواره لصدرها وهي تردد پبكاء
_يا واد الغالي.. تعبتنا كلتنا لحد ما جيت..
قالت رواية بتذمر
_وسعوا كده أنا عايزة أشوفه..
وضعته نواره بين يدها فحملته وجلست به على الاريكة تتأمله بفرحة ومن جوارها حور وتالين أما رؤى فجلست على أحد المقاعد تحاول اخفاء حزنها على تأخرها بالحمل فهي أول من تزوجت من الفتيات وإلى الآن لم ترزق بابناء لذا قررت الذهاب بصحبة بدر للطبيب حتى يطمئن قلبها..
بالبنك..
سحبآسر مبلغ ضخم من المال ثم صعد لسيارته ليتجه لمقابلة المهندس حتى يدفع له جزء من المال فأشار لآيان قائلا
_خليك هنا يا آيان هطلع أقابله وهنزل على طول..
أومأ برأسه باستسلام وتابعه بعينيه وهو يغادر للمطعم القابع بالدور العلوي فقابل أحد المهندسين المسؤولون عن البناء ثم قدم له المال ولكنه تفاجئ به يقرب الحقيبة منه مجددا وهو يقول
_المبلغ وصلني فعلا يا بشمهندس آسر..
ضيق عينيه بذهول
_ازاي!!
أجابه باستغراب
_آيان المغازي..
ارتسمت على وجهه ابتسامة صغيرة فجذب الحقيبة ثم صافحه قائلا
_كمل شغلك بأسرع وقت..
هز رأسه بتأكيد فاتجه آسر للهبوط وقبل أن يستقل الدرج على هاتفه برقم مجهول ففتحه على مضض فاستمع لصوت مألوف له
_آسر