عاصفه الحب بقلم سهام صادق
انت في الصفحة 1 من 26 صفحات
الفصل الأول
رواية عاصفة الحب
بقلم سهام صادق
جلست تتنقل بعينيها بين رواد المطعم تزفر أنفاسها من حينا لآخر
تنتظر قدومه بعد أن رتبت الكلمات لأكثر من مره اليوم جاءت لتخبره ان يتعجل بأمر زواجهم فلم يعد لديها مأوي غيره
وشردت بالماضي يوم أن ټوفي والدها
فبعد اشهر من حداد والدتها علي والدها عرض عليها الزواج
لا تنكر انها عاشت تتفاخر بزوج والدتها بين رفيقاتها
كان رجلا حنونا طيب القلب عكس والدها الذي لا تتذكر سوا صفعاته لوالدتها وبكائها ونظرة الأزدراء التي كان يلقيها كلما وقعت عيناه عليهم ومع مرور السنوات توفت والدتها منذ ستة أشهر بعد وعكة صحيه شديده
يأتي كل عام اسبوعا ليس اكثر لرؤيه والده ثم يعود من حيث اتي
حتي بعد الډفن والعزاء عاد لأمريكا ليهاتفها منذ يومين يخبرها أنه سيبيع المنزل والمصنع
فهي الفتاه التي انتقلت من عالم بسيط لعالم راقي ولامع
ومع حزنها أبتسمت بعدما وجدت من أغرقها بحبه يتقدم منها ببطئ
رغم انها كانت خطبه عاديه لم تنشئ من قصة حب مبهره
اعجبتها وسامته ورقيه ومستقبله حيث يعد شريك مع صديق له بشركه هندسيه مال ووسامه وعائله هذا ما تتمناه اي فتاه بعمرها في رجل احلامها
ففركت يداها بتوتر ثم حدقت بعيناه
لا أتكلم انت الاول يامازن شكل الموضوع اللي عايزني فيه اهم
وانتظرت أن يبدء حديثه وداخلها امالا كثيره ولكن الامل تحول سريعا الي ألم وكسر
كلماته ترددت بأذنيها وهي تسمعه كالبلهاء تخبر نفسها أنها بكابوس وستستيقظ منه
مننفعش لبعض اظلمك معايا عبارات نطقها عقلها وقلبها معا
وتابع وهو ينظر اليها يكمل باقي حديثه الذي رتبه قبل ان يأتي
انا عارف انه صعب عليكي بس طريقنا مع بعض مشواره انتهي
انتي تستاهلي حد افضل مني
عيناها كانت محدقه به بجمود لتبتلع غصتها بصعوبه تتمني ان لا يكون كل ما سمعته صحيح
مازن انت بتهزر معايا صح عايز تختبر حبي ليك مازن متهزرش ارجوك
فطأطأ رأسه نحو دبلته ليسحبها من أصبعه متمتما
كل شئ قسمه ونصيب يازينه
وقف بشموخ علي المنصه يلقي كلمته علي الطلاب في حفل التخرج السنوي في الجامعه الخاصه التي يعد فيها مالك لبعض الأسهم ولأنه رمز يفتخر به كان هو ضيف شرف الحفل
فخرجين مقبلين علي حياة جديده لابد ان يروا مثال يحتذوا به ومن لا يكون غير فريد الصاوي الرجل ذو الخامسه والثلاثون الرجل الذي حصل علي الشهاده الجامعيه في الثامنه والعشرين من عمره
كان مجرد شاب يعمل بناء يقف علي الخشب يدقه ويربط حديد الاعمده ببعضه
والده داهمه المړض پقسوه وهو في عامه الثاني بالثانويه فلم يكملها كان حلمه أن يصبح ضابط شرطه ولكن الواجب قد أتي كونه الأبن الأكبر
ليترك مدرسته وحلمه ويتحمل عبئ حياه أكبر من طاقته لم يكن يهوي يوما صنعة البناء حتي انه كان دوما يخبر والده حينما يكبر سيجعله يترك ذلك العمل الشاق وسيتكفل بكل شئ خاص بعائلته ولن يجعله يعمل وسيعيشه حياه كريمه
ولكن كل شئ أتي كما لم يتمني يوما عمل بتلك الصنعه بعد مرض والده فهي مصدر رزقهم الوحيد ذلك العمل هو من أوصله ليصبح الأن رجلا يتصدر أسمه الصحف ويملك المال بكثره
وبعد عامان من المړض ټوفي والده ليبدء صموده وكفاحه بعزم وهو يري نظرات والدته له بأنه قد أصبح رجل البيت لها ولأشقائه
وانتهت كلمته كما انتهت الذكريات
حملت حقيبتي ملابسها بصعوبه بعد أن جمعت جميع متعلقاتها لتهبط الدرج وهي تطالع جدران المنزل الذي قضت فيه سنون من عمرها فيه تشعر بالدفئ والحب
لينظر لها المحامي الذي كان ينتظر بالأسفل
انا أسف يابنتي بس ده مال يوسف بيه وهو مكلفني ان أبيع كل حاجه هنا واحوله
الفلوس للأسف هو الوريث الشرعي للسيد هشام
كانت تعلم حقيقة ما تسمعه لتبتسم بشحوب
عارفه ياأستاذ فهمي
فطالعها الرجل بأشفاق منتظرا خروجها من المنزل
وقفت لنصف ساعه امام باب الفيلا الصغيره التي كانت تقطنها مع والدتها والسيد هشام قبل ان يتحول كل شئ لماضي تنظر للطريق من حين لأخر تنتظر سيارة صديقتها فقد اخبرتها بحاجتها للأقامه معها حتي تتدبر أمرها بأستئجار شقه صغيره من المال الذي بحوزتها في المصرف لم يكن المبلغ كبير ولكن سيكفيها لما هي مقبله عليه
ومع انتظارها سقطت دموعها فلم تعد تحتمل تلك الذكري الأليمه التي هدمت روحها منذ اسبوع وتخلي مازن عنها وكأن لم يكن بينهم حلم وحياه خططوا لها معا
وأنتبهت لرنين هاتفها لتهتف بلهفه
انتي فين ياندي
لتجيبها الاخري بهدوء وهي تنظر للجالس جانبها يداعب كفها الاخر
معلش يا زينه مش هقدر اجيلك أصل حصلتلي ظروف والدنيا عندي مش تمام
وقبل أن تكمل حديثها قاطعتها زينة بفهم
مافيش مشكله انا هعرف اتصرف ابقي طمنيني عليكي
لتغلق معها بدموع حبيسة مشيرة بيدها لسيارة أجرة مارة علي الطريق
زفرت ندي أنفاسها براحه بعدما أنهت كذبتها علي رفيقتها فأبتسم مازن اليها وهو يحتوي كفيها بين كفيه
مالك ياحببتي
فحدقت به ندي بتشويش وطأطأت رأسها أرضا
احنا اللي عملناه ده صح ولا غلط
فأقترب منها مازن أكثر حتي تلاصقت اجسادهم
احنا غلطنا في ايه ياحببتي انا بحبك وانتي بتحبيني ايه الغلط ف ده
فتعلقت عيناها به وهي عابسة
انا كده سرقتك منها يامازن
فصدحت قهقهته عاليا وضمھا اليه
ندي انا بحبك انتي زينة كانت مرحلة وانتهت من حياتي انا من ساعه ما شوفتك وانا بلوم نفسي اني مقبلتكيش قبلها
وبدء يبثها مشاعره يخبرها للمرة التي لا تحصي بأنه أحبها منذ اول لقاء جمعهم ولكنه كان
نظرت الي المائدة المعده بأشهي الأطعمه والخادمه تضع طبق يلي الأخر لا تعلم لما اليوم الحنين أخذها الي حياة الفقر وقلة الحيله
وفاقت من شرودها علي صوت الخادمه تسألها بأدب
كل حاجه كده تمام ياحجه
فألتفت اليها أمينه ببشاشة
بتقولي حاجه ياروحيه
أبيه فريد وصل وفارس معاه ياماما
وحشتيني وحشتيني اوي ياست الكل
وحشتني ياحبيبي مش هسيبك تسافر تاني سامع
ووكظته علي ظهره بخفه ودموعها تتساقط فأولادها هم عالمها الصغير الذي لا تريد شيئا غيره
لتقف سلمي بينهم تفتح ذراعيها لشقيقها
هو انا دوري في الاحضان مش هيجي خالص
فضمھا فارس اليه بدفئ
تعالي يالمضه عمرك ماهتكبري
عناق وحب وشوق ودعوات فمن يراهم لا يري الا عائله حقيقيه
أثمرها الصبر والرضي
فدلف فريد نحوهم بعد ان انهي مكالمته لتتجه اليه والدته بحب فأحتضنها علي الفور ومازحها بلطف لا يظهره الا معها
حتي في الفرح بټعيطي ياست الكل
فتقدم فارس منهم وهو مازال يعانق شقيقته الصغري
علي فكره انا اللي كنت مسافر تعالي أحضنيني
بعد قضائها لأيام في إحدي الفنادق تبكي علي حالها جاهدت حزنها وضمد چراحها وقررت ان تبحث عن شقه تستأجرها وبعدها تبحث عن وظيفه وفي طريقها حملتها أقدامها لأحد الأماكن التي كانت تلتقي فيها معه لتقف أمام المطعم تنظر للداخل ودموعها تتساقط وألتفت تكمل سيرها فوجدت مازن يهبط من سيارته هو وشريكه
كان أنيق كعادته رائحة عطره تسبق خطواته ونظارته السوداء تعطيه هالة من الوقار
لينتبه مازن اليها بعدما دفعه صديقه برفق منبها له بوجودها ثم سبقه لداخل المطعم فأقترب منها يرسم علي شفتيه أبتسامه مصطعنه
أزيك يازينه
فهتفت علي الفور بنبرة منكسرة
مش كويسه يامازن
فتنهد وهو يطالعها
سمعت ان ابن السيد هشام باع كل حاجه وبقي شريك في مستشفي لسا بتتبني
فأبتلعت لعابها ورفعت عيناها نحوه كالضائعه
مازن انت سبتني ليه هو الحب ممكن يضيع بسهوله كده
فأشاح عيناه بعيدا عنها متمتما
انتي
مش مناسبه ليا يازينة حاولي تنسيني وابدأي حياتك
وابتعد عنها ليدلف للمطعم وهو يمسح علي وجهه
فألتفت تسلط عيناها نحوه والطعنات تدمي قلبها
ارتشف فريد من فنجان قهوته ببطئ وهو يستمع لحماس شقيقه
بعد أن رأي بعض صور المشفي التي أصبحت قيد الانشاء
مش مصدق نفسي يافريد ان حلمي بدء يتحقق
فأبتسم فريد بعدما استرخي في جلسته علي مقعده
كل حقيقه بدأت بحلم
فلمعت عين فارس من السعاده واقترب من شقيقه يجلس جانبه يربت علي فخذه بأمتنان
كل اللي انا فيه وهكون فيه بعد فضل ربنا هيكون بفضلك يافريد
ودمعت عيناه ليشير اليه فريد بتحذير
ايه يادكتور انت هتعيط
فتمالك فارس دموعه وابتسم اليه ليصدح رنين هاتف فارس فنظر الي المتصل متمتما لشقيقه
ده يوسف
وانصرف ليتنهد فريد براحه مغمضا عيناه بأسترخاء
خرجت من سيارة الأجرة التي نقلتها لمنزل عمتها هاربة من آلامها ليترجل السائق مخرجا لها حقائبها ثم تناول أجرته لينصرف
وسارت بخطوات شارده نحو المنزل الذي قدم بفعل الزمن وطالعت المكان حولها فهي لم تأتي لبلدة أهل والدها منذ ان ټوفي فأما والدتها هي من كانت تأتي لزيارة عمتها او عمتها من تأتي اليهم
وشهقت بفزع عندما وجدت يد تربت علي كتفها وألتفت بجسدها فوجدت فتاه تحدق بها بتركيز
انتي بتدوري علي حد
ليقفوا لدقائق يطالعون بعضهم بصمت الي أن تمتمت زينه بأشتياق
نجاة انتي مش فكراني
فنظرت لها نجاة بتمعن وهي تتسأل هل حقا من تقف أمامها ابنه خالها التي انقطعت زيارتها منذ زمن
فالتواصل الوحيد الذي كان بينهم الهاتف والزيارات القليله التي كانت تفعلها والدتها من اجل رؤية ابنة شقيقها كانت تذهب مع والدتها حينما كانت صغيره وأنقطع كل شئ بعد ان توفت والدتها
نجاة أنا زينة
فتركت نجاة اكياس الخضار التي بيدها أرضا لتضمها اليها بشوق
ياا يازينه اخيرا شوفتك تاني
فدمعت عين زينة بآلم وربتت علي ظهرها بحنو
القريه وحشتني اوي وانتي كمان يانجاة
فأبتعدت عنها نجاة تنظر لأعين المارة حولهم هاتفه بأحدي السيدات
ديه زينه بنت خالي أحمد ياأم خالد
وكل من يمر من أجل الذهاب لفلاحة أرضه تخبره عن هويتها بسعاده وجاء احد الصبيه
نساعدك في حاجه ياأبلة نجاة
فأشارت نجاة للصبي بأن يحمل حقائب زينه
ياريت يامحمود ومتخافش مش هقول لحد انك مجتش الدرس امبارح
وتابعت وهي تخبره بتحذير
بس لو عملتها تاني
فحرك الصبي رأسه سريعا نفيا عدم تكرار الامر
وحمل احد الحقائب وعاونه زميله في حمل الأخري
لتجذبها نجاة نحو المنزل وهي الي الأن غير
مصدقه وجودها